هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

مقترح ترمب ..تسوية أم فخ سياسي؟ 


ما تسرّب عن مقترح ترمب الجديد عبر القناة 12 العبرية يثير أكثر من علامة استفهام. فالمقترح، الذي يتضمن الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات منذ اليوم الأول، مقابل إطلاق آلاف الأسرى الفلسطينيين، يبدو للوهلة الأولى مغريًا. لكنه يحمل في طياته ألغامًا سياسية لا يمكن تجاهلها.
النقطة الأخطر هي ربط وقف إطلاق النار بمدة المفاوضات. فماذا لو تعمدت إسرائيل إطالة أمد التفاوض أو طرحت شروطًا تعجيزية؟ عندها يتحول وقف النار إلى أداة ضغط على الفلسطينيين، فيما تكون إسرائيل قد استردت ما تريده: أسراها.
إسرائيل قد تعلن موافقتها سريعًا لتظهر أنها الطرف "المرن"، وهي تراهن في الواقع على فشل التفاوض لاحقًا، لتخرج رابحة من الجولة. في المقابل، من المتوقع أن تطالب حماس بضمانات لوقف الحرب وانسحاب إسرائيل من غزة وضمان نفاذ المساعدات للقطاع وربما يكون من مصلحتها تجزئة تسليم الأسرى الإسرائيليين، حتى لا تفقد أوراق ضغطها.
لكن جوهر التساؤل هنا لا يقتصر على تفاصيل الصفقة، بل يتجاوزها إلى شخصية ترمب نفسه. فهو السياسي المثير للجدل، المتقلب المزاج، الذي يعلن شيئًا ثم ينقلب عليه سريعًا. ما الذي تغيّر الآن ليدفعه إلى طرح هذا المقترح؟ هل أراد تسجيل إنجاز انتخابي يقدمه لجمهوره الداخلي؟ أم سعى لإنقاذ نتنياهو من وحل غزة عبر مخرج سياسي يخفف الضغط عنه؟ أم أنه ببساطة يغازل اللوبي الإسرائيلي ويقدّم نفسه راعيًا أوحد لأي تسوية في المنطقة؟
ثم من يضمن أصلًا وفاء ترمب بتعهداته؟ وهل يمكن الوثوق بوعوده بينما يصرّح بنيته تحويل غزة إلى "ريفيرا الشرق" باحتلال أمريكي مباشر؟ وكيف يمكن لرجلٍ يبدّل خطاباته بحسب المصلحة الآنية أن يكون حكمًا نزيهًا في صراع معقد بهذا الحجم؟ أليس في ذلك جمعٌ بين دور الخصم والحكم في آن واحد؟
الحقيقة أن ما كُشف حتى الآن لا يتجاوز إطار التسريب، وقد تظهر تفاصيل جديدة. لكن ما هو واضح أن المقترح بصيغته الحالية يفتح الباب أمام سيناريو خطير: وقف إطلاق نار مؤقت، يعقبه جولة أشد من الدم والدمار.